تغني فرقة "الراحل الكبير" اللبنانية أغنية "مدد يا سيدي أبو بكر البغدادي"، هازئة منه، وساخرة من قراراته في القتل والنحر وتغطية ضروع البقر، في بيان عفوي أكد على أن ليس هذا هو الإسلام.
بعد التشهير، يحلّ التكفير، المستقى أصلًا من سياسة النحر وحز الرؤوس، التي لا يرى البغدادي بديلًا منها في إقامة دولته الإسلامية، وهو القائل إن حز الرؤوس نص الانتصار... وكله باسم الشرع الإسلامي ولا غيره. فنحر الكفار، حتى لو كانوا مسلمين، هو رحمة من رب العالمين.. لذا: "عشان الإسلام رحمة، رح ندبح ونوزّع لحمة، وعشان نخفف زحمة، حنفجّر في خلق الله". وهذه الخيرة تجرّد منطق العمليات "الاستشهادية" بحسب أدب الدولة الإسلامية من وظيفتها الجهادية، إلى حد تسخيفها.
هذه هي الخيارات التي يضعها البغدادي ودولته أمام كل من لا يواليه، سنيًا أو شيعيًا أو نصرانيًا أو مرتدًا.. فيغني أولاد "الراحل الكبير": "وعشان لا إكراه في الدين، فلنقض عالمرتدين، والشيعة والسنيين، والنصارى يا خسارة!". وبعدها فورًا يغنون قمة المأساة، أي الخيبة من الثورة في زمن صارت هذه مرادفة للفتنة: "وعشان الثورات فتنة، وشعور النسوان فتنة، أهو كلنا في الحيطة فتنا، ولا دايم غير وجه الله".
الخاتمة تصل إلى نشوة الحطّ من قدر البغدادي، بهزء ليس بعد هزء، مع استرجاع فتوى جهابذة الدولة الإسلامية بوجوب تغطية ضرع البقرة عن العين، لأنه عورة، ولأن الحشمة فرض واجب. أو، بحسب فرقة "الراحل الكبير"، الحشمة من الإيمان، والفتنة من الشيطان، "وأنا والله لو كنت بقرة، لكنت والله ألبس سوتيان".
ليس في كلام هذه الأغنية ما يسيء إلى المسلم، مهما كانت درجة التزامه، لأنها لا تتعرّض إلا لظواهر طارئة على الإسلام، منذ أيام صدره، حين كان أهل الكتاب أقرب إلى المسلم من أخ له لم يسلم بعد. وحين كان اليسر باب الفتح، والإكراه مكروه.
تصوّر هذه الأغنية، من دون أن تدري أو من دون أن تتقصّد، الانقلاب الإسلامي، الذي أعاد إلى الواجهة تطرفًا نسيه الإنسان، أو عدّه كالطاعون، قد قضى عليه لقاح التسامح، فإذا به يثور من جديد في سلالة تبدو عصية على الإرادة المتسامحة. لربما تلعب هذه الأغنية دورًا ما أنيط بها، فتثبت رفض التطرف ونبذ الفرقة بينما الحال مخالفة.
غاندي المهتار - إيلاف