خطة دونالد ترامب للإستيلاء علي النفط العراقي "هذه ليست سرقة، نحن فقط نقوم بتعويض أنفسنا"

2016-09-22 14:59:46
  • "دونالد ترامب يقول "لقد سمعتموني، سأستولي علي النفط. فلن أرحل عن العراق وأترك الساحة لإيران للإستيلاء علي النفط كله
/

يقول الخبراء " إن إستراتيجية الإستيلاء علي النفط من العراق والمناطق التي تسيطر عليها داعش إنما تعد مشكلة كبيرة من جميع الزوايا، وقد تصل في النهاية إلي إعتبارها جريمة حرب".


 

دونالد ترامب يقول "لقد سمعتموني، سأستولي علي النفط. فلن أرحل عن العراق وأترك الساحة لإيران للإستيلاء علي النفط كله"


إن خطة الإستيلاء علي النفط من العراق ومن المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تعد واحدة من أكثر الموضوعات تكراراً في إستراتيجية دونالد ترامب للأمن القومي. حيث يصر دونالد ترامب علي أن هذه الخطة ستعمل علي إستنفاذ موارد وخزائن داعش وستقوم بتعويض الولايات المتحدة الأمريكية عن تكلفة إلتزاماتها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط.


حيث إقترح ترامب - في المؤتمر الذي إستضافته هيئة الإذاعة الوطنية الأمريكية NBC في السابع من سبتمبر/أيلول- أن خطة الإستيلاء علي النفط ستكون الطريق لتعويض الولايات المتحدة الأمريكية عما تكلفته في حرب العراق، حيث جاء قائلاً " لقد ذهبنا للحرب في العراق وأنفقنا ما يزيد عن 3 تريلليون دولار وفقدنا الالاف والالاف من الأرواح ثم.... ما حدث هو أننا لم نحصل علي شئ في المقابل. ولكن في النهاية إلي المنتصر تنتمي الغنائم".


كما أضاف أن " أن واحدة من الفوائد التي لكانت أن تتحق في حالة إستيلائنا علي النفط، هي حرمان تنظيم داعش من الإستيلاء علي هذا النفط وبيعه لتقوية أنفسهم".


والجدير بالذكر أن هذه الفكرة كانت قد سبق وتم طرحها علي الساحة قبل حملة دونالد ترامب الرئاسية. حيث أنه بالعودة لعام 2011 قد جاء في تصريح صحفي له في صحيفة وول ستريت The Wall Street Journal أن هذه هي سياسته لإدارة التدخل الأمريكي في العراق حيث قال "لقد سمعتموني، سأستولي علي النفط. فلن أرحل عن العراق وأترك الساحة لإيران للإستيلاء علي النفط كله". كما أصر وفقاً لقناة ABC الإخبارية أن هذه العملية لا تعد عملية سرقة لموارد وطنية.


وقال دونالد ترامب علي هامش تلك القضية " إننا لا نسرق شيئاَ، نحن نعمل علي تعويض أنفسنا. فعلي الأقل سنسترد فقط قيمة 1.5 تريلليون دولار مما قمنا بإنفاقه في حربنا علي العراق، ولكني أطمع في المزيد".


وبإعتبار هذه الخطة إستراتيجية أمنية فهذا سيجعلنا في مواجهة مشكلات كبيرة من جميع الزوايا وفقاً للخبراء العسكريين والإستراتيجيين والقانونيين وكذلك خبراء مجال النفط. فأولاً وقبل أي شئ هناك العديد من المشاكل من حيث المبدأ والصفة القانونية. فحديث ترامب المتكرر عن "غنائم الحرب" يبدو وأنه يعيدنا إلي عهد قد مضي من الإمبريالية القائمة علي النهب والسرقة وهذا الأمر أصبح غير قانونياً بالمرة في الوقت الحاضر وذلك بموجب قوانين الحرب.


وبالحديث عن هذا الشأن يقول أنتوني كورديسمان – الخبير الإستراتيجي في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية – " إنه وفقاً للقانون الدولي، فإنه يحظر عليك أخذ بضائع المدنيين أو الإستيلاء عليها، وإلا سيعد هذا الأمر جريمة حرب". كما أضاف أن " تصدير الحاصلات النفطية أصبح يعد المصدر الوحيد للدخل للحكومة العراقية والتي تستخدمه في توفير الرواتب وتسليح الجيش العراقي، وبالإستيلاء عليه فقد تقوم بإستثارة العداء الوطني للولايات المتحدة إلي أسوء مستوياته. وهذا الأمر سيعد أسوء أنواع السياسات الإستعمارية الحديثة. حيث لم تقم المملكة المتحدة نفسها بهذا الأمر من قبل أثناء حقبتها الإستعمارية".


وجاء جاي هيكس – مؤلف كتاب "إعلان الإستقلالية في مجال الطاقة" حول العلاقة بين سياسات الأمن القومي الأمريكية والنفط في منطقة الشرق الأوسط – قاسياُ ومعارضاً بشدة لفكرة دونالد ترامب.


حيث كتب جاي هيكس في صحيفة Real Clear Energy " إنه من الصعب عدم وصف هذه الفكرة بالغباء، فحتي حلفاؤنا في الشرق الأوسط يعتبرون النفط في أراضيهم هبة من الله ويعد بالنسبة لهم المصدر الرئيسي للدخل اللازم لتطوير بلادهم. وبالإستيلاء علي نفط العراق من شأنه أن يجعل حلفاؤنا ينقلبون علينا بعد أن كانوا يقفون بجانبنا في مواجهة تنظيم داعش. وسيترتب عليه قيامنا علي الأقل بإعادة دفع هذه النفقات العسكرية الضخمة ونقل الكثير من القوات الأمريكية هناك في ذروة تلك الحرب"


ويشير جاي هيكس إلي أن "جين دوجلاس ماك أرثر" والذي يعد المثل الأعلي لـ دونالد ترامب قد فعل العكس تماماً عند إحتلال اليابان: حيث قام ماك أرثر بإحضار المعونات والمواد الغذائية لإطعام اليابانيين والإنهاء علي المجاعة هناك.


وختم حديثه حيث أشار " إنه بتخلي الولايات المتحدة عن غنائم حربها مع اليابان، فقد كسب ماك أرثر والولايات المتحدة إحترام اليابانيين والعالم بأجمعه مما جعل من الولايات المتحدة الأمريكية رمزاً رائداً وقيادياً للعالم الحر".



دونالد ترامب يوضح سياسته الخارجية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)


ربما يمتلك أيضاً دونالد ترامب فكرة مبالغ فيها عن حصة النفط العراقي عندما يقترح أنه قد يساعد في تعويض الولايات المتحدة عن تكلفة إحتلالها للعراق. حيث يقول " إن العراق تعد واحدة من الدول التي تمتلك أكبر إحتياطي للنفط في العالم" حيث يقدر إحتياطي النفط العراقي كخامس أكبر إحتياطي نفطي علي مستوي العالم ولكن تبقي المشكلة الكبيرة أن غالبية هذه الثروة النفطية تقع تحط سيطرة تنظيم داعش المتطرف".


في الوقت ذاته جاء علي لسان جيم كرين - وهو باحث في مجال الطاقة في معهد Baker للسياسة العامة التابع لجامعة Rice في مدينة Houston – " إن المنطقة التي تحكم داعش سيطرتها عليها لا تحتوي علي الكثير من النفط العراقي" حيث يضيف " إن الغالبية العظمي من النفط العراقي يقع في أقصي الجنوب في المنطقة المحيطة بخليج فارس. كما يوجد البعض منه في الشمال الكردي ومع ذلك قام الأكراد بالزحف والإستيلاء علي تلك المنطقة القريبة من كركوك".


ويضيف جيم كرين " إن سوريا لا تعدد منتجاً كبيراً للنفط. حيث كانت تنتج 400 ألف برميل يومياً قبيل الحرب وإنخفض الإنتاج ليصبح 27 ألف برميل خلال عام 2015 وهذه كمية ضئلية جداً. وبالتالي فلا يوجد كمية كبيرة من النفط السوري تحت سيطرة تنظيم داعش. فعندما وصل سعر البرميل إلي 100 دولاراً كان ذلك يعد الكثير ولكن في الوقت الراهن ومع السعر الحالي للنفط أصبحت تلك التجارة ليس مربحة كالسابق".


وفي ذلك السياق، قامت القوات الأمريكية بإستهداف مصافي النفط الصغيرة التابعة لداعش وكذلك الخطوط التي تستخدمها في نقل النفط للخارج وذلك كوسيلة لقطع هذا الدخل عن التنظيم المتطرف، ولكن دونالد ترامب لديه رأي أخر حيث يري ضرورة الإستيلاء علي حقول النفط ذاتها بإستخدام القوة.


حيث قال ترامب " سينبغي علينا ترك مجموعة معينة والتي ستقوم بدورها في الإستيلاء والسيطرة علي العديد من المناطق التي تحتوي علي النفط"


ويعقب كريس هارمر – ضابط سابق بالبحرية الأمريكية ومحللاً عسكرياً حالياً- علي أن مصطلح "مجموعة معينة" هذا سيكون عبارة عن عدد كبير من الأفراد بحيث يتمكنوا من السيطرة علي حقول النفط وحمايتها.




ويقول هارمر " سيتطلب الأمر ما يقرب من 100 ألف من القوات بالإضافة إلي المعدات والوحدات الجوية لتأمين حقول النفط وإستخراج النفط منها" كما يضيف أنه " نظرياً ستقوم هذه العمليات بإمتصاص كافة الأصول القابلة للإنتشار لدينا، فلننس أمر المحيط الهادي ولننس أمر أفريقيا وسيكون أمامنا هدفاً واحداً فقط وهو إمتصاص الأصول النفطية في الشرق الأوسط".


وبالتالي ستكون القوة العسكرية الجديدة في الشرق الأوسط أكبر من الوقت الراهن وذلك لكي تتمكن فعلياً من السيطرة والإستيلاء علي حقول النفط.


حيث يقول كرين " سيتوجب علينا إحتلال غالبية الأراضي السورية لإستخراج النفط ونقله للخارج، وذلك حيث أن خطوط نقل النفط السوري تمتد من الحقول النفطية في شرق سوريا لتخترق بكامل إمتدادها عمق الأراضي السورية لتصل إلي ساحل البحر الأبيض المتوسط علي الجانب الأخر".


كما يعقب كرين قائلاً " إن إحتلال الحقول النفطية فقط لن يحقق لك الهدف المنشود، فإذا كنت ترغب في سرقة النفط ونقله خارج البلاد سيتوجب عليك إحتلالاً عسكرياً كاملاً لسوريا، وذلك للسيطرة علي كامل إمتداد خطوط نقل النفط وبالتالي يمكنك نقل النفط إلي الأسواق الخارجية. وهذا يعني علي الأقل ضرورة إحتلال مدينة حمص في وسط سوريا بالإضافة إلي المواني النفطية السورية الرئيسية في بانياس و طرطوس. كل ذلك بجانب إحتلال المناطق التي تسيطر عليها القوات المنشقة مثل دير الزور والتي تحتوي علي باقي حقول النفط".


فعندما يقول دونالد ترامب "إستيلاء علي النفط" فهذا لا يعني أنها ستكون عملية إنتشار وتراجع سريعة، حيث أن ترامب بشكل واضح يضع الإحتياطي النفطي ذاته في الحسبان. وهذا الأمر قد يستغرق سنوات.


في الوقت ذاته يقول كوردسمان " إنه لا توجد هناك أية وسيلة أخري يمكنك بها إستخراج الإحتياطي النفطي بشكل سريع سوي إستخراجه بالطرق التقليدية".


ومما لا يمكن إغفاله هو أن التكلفة المادية لهذه العمليات العسكرية ستتعدي بالطبع كافة عوائد إستخراج النفط وبيعه.


ويختم كرين حديثه قائلاً " أنه في حالة قيام دونالد ترامب بحساب خطوات هذه العمليات و تكلفتها سيتبين له أنها ليست الطريقة الناجحة والفعالة في تمويل إحتلالاً لبلد أخر علي الإطلاق" كما أضاف " إنه يجب عليه إدراك ذلك جيدا قبل أن يبدأ في إرسال الجنود إلي هذه العملية وإسترجاعهم إلي بيوتهم جثثاً هامدة"


صحيفة الجارديان البريطانية


Related Articles مواضيع ذات صلة


 
 
 
 
مقالات و أَخبار أُخرى