تونسيو الخارج خائفون على ثورة الياسمين من عنف الاسلاميين السياسي

2013-02-26 00:08:02
  • الإحتجاجات على اغتيال بلعيد مستمرة في الداخل التونسي
  • وزير الداخلية الفرنسي ايمانويل فالس أدلى بتصريحات أغضبت الجانب التونسي
  • تونسيّون يتظاهرون أمام مقر السفارة التونسية بباريس احتجاجًا على اغتيال شكري بلعيد
/

الدلائل تشير إلى أن الجريمة مخطط لها


على غرار تونسيي الداخل، خلف اغتيال المعارض شكري بلعيد جرحًا كبيرًا في الجالية التونسية بفرنسا، فعاشت فورة كبيرة لم تشهدها منذ ثورة الياسمين، إذ بادرت بتنظيم التظاهرات في باريس ومدن أخرى، مبدية خوفًا على مستقبل بلدها بعد هذا الحادث الخطير.


بوعلام غبشي من باريس: لم يهز اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد تونسيي الداخل فقط، وإنما كان له وقعه القوي كذلك على الجالية التونسية في فرنسا، والتي بادرت في الدقائق الأولى من انتشار الخبر إلى الخروج إلى الشارع في المدن الفرنسية الكبرى للتنديد بهذا العمل الإجرامي، حاملة تخوفات كثيرة على مستقبل بلادها، التي ظلت لعقود في منأى عن مثل هذه الأحداث.


وتظاهرت الجالية التونسية منددة بهذا العمل الإجرامي في مارسيليا، ليون، تولوز وباريس، التي ردد فيها المتظاهرون شعارات معادية لحزب النهضة وزعيمها راشد الغنوشي، إذ هتفوا: "حرية ديمقراطية يسقط الإرهاب تسقط الوحشية"، ووجهوا الاتهام مباشرة إلى الغنوشي عندما صرخوا "الغنوشي قاتل".


فاتحة اغتيالات

حول هذه التظاهرات، يقول عماد بنسعيد، وهو ناشط تونسي يقيم في باريس، إنها كانت "عفوية لقوة الصدمة خصوصًا وسط الأفراد غير المحسوبين على النهضة، لأن هذه الأحداث أظهرت أن المتعاطفين مع النهضة لم يبدوا نفس الحماس الذي أبدته أطراف المعارضة".


ويعتبر بنسعيد أن عملية اغتيال بلعيد كانت "قمة الحوادث التي عرفتها تونس، باعتبارها ثاني اغتيال سياسي في البلد، زيادة على وزن هذه الشخصية السياسية في المعارضة التونسية وشعبيتها الجماهيرية، نظرًا لشجاعته الإعلامية ، حيث ظل يسمي الأشياء بمسمياتها في تحد كبير لكل تهديدات المتطرفين".


ويخشى بنسعيد أن يكون بلعيد الحلقة الأولى في سلسلة اغتيالات قد تعرفها البلاد، موضحًا أن الخطورة تكمن في "بداية تصفية الخصوم السياسيين للنهضة أو على الأصح الترويكا الحاكم"، أي ائتلاف الأحزاب الثلاثة الحاكم اليوم في تونس، إلا أنه "مقابل ذلك، أظهرت ردود فعل التونسيين في الداخل والخارج أن النهضة لا يمكنها أن تستفرد بالحكم".


استنكار فرنسي

حملت تصريحات وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس، تعقيبًا على الاغتيال، نبرة قوية لم ترق لحكام تونس الجدد، حيث يرى فالس أن هناك فاشية إسلامية تتصاعد في عدة مناطق، مؤكدا أن "هذه الظلامية ندينها تماما". كما أعرب عن أمله في أن تعطي الانتخابات المقبلة الفوز للقوى الديمقراطية والعلمانية التي تحمل قيم ثورة الياسمين، معتبرا ذلك "رهانًا مهمًا ليس بالنسبة للتونسيين فقط، وإنما كذلك لكل الفضاء المتوسطي وبالتالي لفرنسا أيضًا".


لم تنتظر تونس كثيرًا للرد على فالس، إذ استدعى رئيس الحكومة آنذاك حمادي الجبالي السفير الفرنسي في تونس للاحتجاج على تصريحات وزير الداخلية الفرنسي. وقال وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام، الذي حضر لقاء الجبالي مع ممثل الدبلوماسية الفرنسية في تونس: "عبّرنا للسفير الفرنسي عن قلقنا من تصريحات وزير الداخلية الفرنسي وموقفه المتحيّز والمثير للقلق، وعبّرنا له عن حرصنا على صيانة سيادة بلادنا واستقرارها السياسي".


ويرى بنسعيد أن تصريحات وزير الداخلية الفرنسي الفورية أتت مباشرة بعد الحادث ما جعلها بتلك القوة، "كما أنها جاءت في إطار المتابعة الفرنسية للشأن التونسي بحكم الشراكات العديدة التي تجمع البلدين، والجميع فوجئ بها، إلا أنها أخرجت من سياقها".


ويرى بنسعيد أن حزب النهضة يحاول أن يجد كبش فداء للتغطية على فشله في تدبير الملفات الشائكة التي تواجه، وأن يجر أنظار التونسيين بعيدًا عن القضايا الجوهرية، "كما فقدت النهضة الكثير من بريقها لدى الرأي العام الدولي".


النهضة تتمسك بالكراسي

أصيب التونسيون في الداخل كما في الخارج بالصدمة والغضب نتيجة هذه العملية الإجرامية، كما تقول الإعلامية التونسية فريدة العياري، إذ "بمجرد انتشار خبر اغتيال بلعيد تجمع عشرات الآف من التونسيين والتونسيات تلقائيًا أمام وزارة الداخلية بشارع الحبيب بورقيبة، واتهموا النهضة ورئيسها الغنوشي بالمسؤولية عن الجريمة".


تضيف: "الشعارات كانت قوية ضد الحكومة، وفي فرنسا كذلك نظمت وقفات عند باب السفارة التونسية في باريس، وفي ساحة حقوق الإنسان عند نقطة تروكاديرو".


ولا تخفي العياري، التي تحمل الجنسية الفرنسية كذلك، قلق التونسيين في الخارج كما في الداخل على مستقبل بلادهم. تقول: "الوضع الاقتصادي والاجتماعي أسوأ من السابق، فأسعار المواد الأساسية مشتعلة، والبطالة تضاعفت، والسياحة تراجعت بشكل كبير، والعنف السياسي الذي بلغ أوجه مع اغتيال بلعيد سيزيد من تأزيم الموسم السياحي المقبل".


وتتابع في السياق ذاته: "هذه الصعوبات الحياتية اليومية ترافقها أزمة مؤسساتية غير مسبوقة، مع عدم قدرة رئيس الوزراء والأمين العام للنهضة على تشكيل حكومة جديدة".


وتضيف العياري أن "النهضة ترفض التخلي عن وزارات السيادة، ولم تقبل بمقترح الجبالي لحل الأزمة، فبدا هذا الأخير في قطيعة مع حزبه، وجزء من المعارضة يظهر أنه مستعد للتعاون معه، أما الجبهة الشعبية، العائلة السياسية لشكري بلعيد، هي الوحيدة التي ترفض التعاطي مع مقترحه وتدعوه إلى مؤتمر وطني للإنقاذ لأجل إيجاد حلول للأزمة السياسية، مع الإدانة الشديدة للعنف السياسي، وتحديد مواعيد استكمال الإصلاحات الدستورية ثم عقد انتخابات جديدة".


وتفسر العياري الشعارات العنيفة المعادية للنهضة، التي رددها المتظاهرون أثناء الأيام الثلاثة التي تلت مقتل بلعيد، بأنها "تظهر جيدًا أن التونسيين يعتقدون أن الإسلاميين هم مصدر العنف، وبعد نحو أسبوعين من مقتل بلعيد، التحقيق لم يعرف أي تقدم".


كما اعتبرت أن قطع التيار الكهربائي وشبكات الهاتف النقال ساعات قبل عملية الاغتيال تظهر جيدًا أن هذه الجريمة كان مخططًا لها".



بواسطة إيلاف - بوعلام غبشي


Related Articles مواضيع ذات صلة


 
 
 
 
مقالات و أَخبار أُخرى