تنتظر أقطاب سياسية مختلفة في الكويت على أحرّ من الجمر صدور حكم المحكمة الدستورية في بطلان مرسوم الصوت الواحد من عدمه وسط الندوب الواضحة في وجه الغالبية، التي تكشف عن انشقاق فاضح في صفوف المعارضة، وتهدد أركانها بالتصدّع والانهيار تحت وطأة الهزات المتعاقبة، التي لحقت بها منذ اعتزالها العملية السياسية احتجاجًا على مرسوم الصوت الواحد، واتخاذها الشارع ميدانًا لتسوية الخلافات السياسية بدلًا من المؤسسة البرلمانية وساحات القضاء.
إيلاف من الكويت: على الرغم من إعلان المعارضة الكويتية عن تشكيل ائتلاف موسع وتزكية النائب السابق مسلم البراك منسقًا عامًا، ويوسف الشطي ناطقًا رسميًا، وفهد العبدالجادر أمين سر لهذا الائتلاف، إلا أن المعارضة لا يمكن لها أن تخفي أنها تأثرت بشكل واضح بحالات التجاذب والتنافر بين مكوناتها، وانعدام الرؤية المستقبلية لكثير من الكتل، وعدم الاتفاق على الأهداف أو حتى آليات تحقيقها، وإصرار صقور المعارضة، وفي مقدمتهم أعضاء كتلة العمل الشعبي، على رفع سقف المطالب من دون تراجع، مثل المطالبة بالحكومة المنتخبة وتعديل الدستور، في مقابل جنوح الحمائم، التي يمثلها بعض الأعضاء الإسلاميين، عدا (الحركة الدستورية )، إلى التهدئة وعدم التصعيد في اتجاهات تفضي إلى المجهول.
ومن العوامل التي أضعفت حراك المعارضة، تراجع اندفاع وحماسة الشباب، بعدما كان هو وقود الغالبية، بسبب إحباط الشباب وبلوغهم حالة من اليأس في إصلاح ما أفسدته الحكومة، بعدما أثقلت التناقضات والخلافات أعضاء المعارضة ورموزها، وتشعب أهدافهم ومآربهم السياسية رصيدهم من خيبة الأمل، في تحقيق الوحدة الوطنية والدفاع عن الحريات والعدالة بعيدًا عن النفس الطائفي والفئوي الخانق في أوساط الغالبية.
بينما بين هذا وذاك ثمة من يعمل بذكاء على أن يكون في دائرة التأثير الضارب في العمق من دون المزاحمة على الواجهة الإعلامية وشطحات الكريزما، مثل النائب السابق فيصل المسلم.
من يقرأ اللغط الذي ينال الكثير من الشخصيات، التي لاتحظى بشعبية، وسط الحراك، سيجد من بينها محمد عبدالقادر الجاسم "مهندس الائتلاف، الذي عاد بعض المغرّدين إلى أرشيفه الصحافي الماضي، وأعادوا نشر مقالات قديمة له، كان يهاجم فيها عراب كتلة العمل الشعبي أحمد السعدون، والكتلة التي ينتمي إليها، وهجومه ضد الصوت المعارض في مجلس الأمّة، وتحذيره من خطرهم إبان رئاسته لجريدة "الوطن"، ولكونه الملقب بـ "محامي الناقلات"، كما يحلو لمهاجميه تسميته.
وتراهن السلطة على هشاشة المعارضة، التي كانت سابقًا تشكل فرقاء، جمعهم هدف واحد محدد، وحظي بشبه إجماع بين القوى السياسية، ألا وهو إسقاط حكومة الشيخ ناصر المحمد، وقد نجحوا في ذلك، متجاوزين الفروقات في الطرح السياسي، لكن حظهم هذه المرة كان تحت مطارق الحكومة ولن يكون كسابقه، حيث تضربهم الفروقات في الأهداف والتنافس على توزيع الأدوار ويصعب عليهم تجاوز الاختلاف قبل الائتلاف لقيادة حركة الإصلاح.
وبين جمر الانتظار للأحكام القضائية، وصفيح صيف ساخن، من المتوقع أن تشهده الكويت على الصعيد السياسي، تعد المعارضة عدتها للعودة إلى (ساحة الإرادة) والشارع مجددًا، من أجل إحياء مشروعها السياسي، بعدما خفت بريقه إعلاميًا وشعبيًا، معوّلة على استثمار التعاطف الشعبي في حال صدور أحكام قاسية بحق الشباب ورموز المعارضة في القضايا المتهمين بها.
في المقابل تواصل الحكومة ضخ الأوكسجين للمحافظة على عمر مجلس الصوت الواحد، ليكمل مدته الدستورية، ويعيش أربعة أعوام مقبلة في حضانتها، تنظر لها الحكومة على أنها ستكون سمينة، بينما تؤكد الغالبية أنها ستظل عجاف من عمر الكويت، وبين الحكومة والمعارضة ينتظر الشارع الكويتي ما ستحمله الأيام المقبلة في هذه الأجواء الملبدة بالغموض.
إيلاف