ادباء عراقيون يؤكدون استحقاق (يا مريم) لجائزة البوكر العربية

2014-08-31 22:53:38
  • الكاتب العراقي المغترب سنان انطوان
  • يا مريم” ترشح لجائزة البوكر العربية“
  • الكاتب والمترجم العراقي سنان أنطون
  • رواية «يا مريم» المرشّحة لـ«جائزة بوكر» العربية أشبه بفيلم تسجيلي يوثّق بحيادية أوجاع بلاد الرافدين ومآسيه
/

 


درب الجلجلة يبدأ من الاحتلال ويمرّ بالطائفية ليصل إلى التشرد المستمر. رواية «يا مريم» المرشّحة لـ«جائزة بوكر» العربية أشبه بفيلم تسجيلي يوثّق بحيادية أوجاع بلاد الرافدين ومآسيه

بغداد: اعرب عدد من الادباء العراقيين عن سرورهم بوصول رواية (يا مريم) للكاتب العراقي المغترب سنان انطوان الى القائمة القصيرة في جائزة البوكر العربية، من بين عشرات الروايات العربية، مؤكدين على قدرة الرواية العراقية على التفوق على نظيراتها العربيات، ومشيرين الى استحقاق الروائي سنان انطوان على الفوز بهذه الجائزة العربية المهمة لتكون اول رواية عراقية تفوز بالجائزة هذه، وقد اشارت انباء ان الرواية مرشحة بقوة للفوز بالجائزة الشهيرة التي سيعلن عن الفائز بها في نيسان / أبريل المقبل. فقد اكد القاص والروائي علي حسين عبيد فرحه بفوز الرواية التي وصفها بانها كتبت باسلوب مدهش، وقال: من دواعي السرور حقا انت تصل رواية (يا مريم) للكاتب العراقي سنان انطوان الى القائمة القصيرة في جائزة البوكر العربية، من بين عشرات الروايات العربية، ولابد اننا سنقر بوجود المسوغات الفنية والمضمونية التي قفزت بهذه الرواية الى هذه المرحلة المتقدمة جدا من تراتب الجائزة، فقد كتبت هذه الرواية باسلوب مدهش يذكرني بالاسلوب البديع للروائي بهاء طاهر الذي خطف الجائزة الاولى بروايته (واحة الغروب) لاحدى نسخ البوكر الماضية، لقد تميز سنان من خلال الاسلوب الروائي اولا، وابتعد عن تعقيد التركيب اللغوي بحجة العلو بالشكل، وقدم مضمونه بلغة تصل للجميع مع الاحتفاظ بقيمتها الفنية الايحائية العالية، كما ان قوة الموضوع الذي تناول فيه ما تعرض له المسيحيون من قال وتشريد وترهيب يجعلها ذات طابع متميز، ولعل الميزة الاهم في هذه الرواية تكمن في عمق التوصيل وقوته من خلال الصدق الفني الخالص للاسلوب الذي كتبت به هذه الرواية. واضاف: أننا فرحون طبعا بهذا الفوز بغض النظر عن كل المآخذ الاخرى التي لن نتطرق اليها، لان حالة الفرح بفوز هذه الرواية تجعلنا اشد سعادة من كل شيء.


«يا قديسة مريم، صلّي لأجلنا، يا والدة الله، يا أماً مصلوبة، يا أما ثكلى، يا أماً مطعونة بالحربة، يا أماً مصلوب قلبها، يا أماً مغمومة، يا ينبوع البكاء، يا جبل الحزن، يا صخرة الثبات، يا مرسى الاتكال، يا ملجأ المتروكين، يا ترس المظلومين». هكذا، تصير الصلاة في رواية «يا مريم» (دار الجمل) للكاتب والمترجم العراقي سنان أنطون (1967)، تتحوّل إلى بوصلة لحيارى العراق المتروكين لمصير من الحقد الأعمى، والأمل الذي تستشعره أفئدتهم في الصلاة كردّ وحيد على كراهية القَتَلة. العمل المرشّح لـ«جائزة بوكر» العربية، يستعيد حوادث تفجير طاولت كنائس العراق في عام 2010، وتحديداً تفجير كنيسة «سيدة النجاة» في وسط بغداد، بينما تتحول مريم إلى معادل لعراق يوحّد المسيحيين والمسلمين. ينتمي بطلا الرواية يوسف ومها إلى جيلين مختلفين. هنا يحكي صاحب «إعجام» عن يوم من حياتهما، وكيف ينتهي بقداس جنائزي في ذكرى وفاة شقيقة يوسف. لكنه يوم متوتر يتشاجر فيه البطلان. مها ترى أنّ العنف موجه أساساً ضد أبناء الديانة المسيحية، بينما يرى يوسف أنه موجه ضد الجميع.


اما الروائي شوقي كريم فأشار الى تميز الرواية في اختيار الموضوعة حسب اعتقاده، وقال: اي رواية عراقية تفوز في اي محفل عربي او عالمي هو حالة من حالات تمكيز الرواية العراقية ودليل على تقدمها على صعيد البناء والموضوعة واعتقد ان الادب العراقي بدأ يتجاوز الحدود الضيقة ويثير دهشة الاخر ومتابعته وهناك اكثر من مكان اكد الادب فيه حضوره وتميزه. واضاف: رغم عدم قرأتي لها لكني اعتقد ان تميزها باخيار الموضوعة المغايرة هم في البوكر يبحثون عن موضوع مختلف اما البناء فهذا امر اخر. وتابع: هذه هي الرواية العراقية الثالثة التي تدخل القائمة القصيرة للبوكر العربية، بعد رواية علي بدر (بابا همنغواي)، ورواية انعام كججه جي (الحفيدة الأميركية)، والغريب ان هذه الروايات كلها من خارج العراق، ويبدو ان السر وراء ذلك هوالقرب من الموسسات والانطلاق الفكري غير المحدود وعدم الخهوف من البوح الذي لايزال يشد البعض الى الوراء في الداخل مشكلتنا في الداخل اننا لانريد ان نقتل الرقيب. فيما اشار الشاعر والروائي حسين علي يونس استحقاق هذه الرواية للفوز، فقال: سنان روائي رائع يستحق ان يفوز بهذه الجائزة، الرواية العراقية اثبتت انها صاحبة امتياز مهم كونها لا تفتقد الى الصراحة والشفافية والمهارة التي قلما نجدها في الرواية العربية المعاصرة لدينا كتاب كثر يسحقون هذه الجائزة وسيكون من الغبن ان لا يحصل عليها اي روائي عراقي بالمرة اعتقد انها ستذهب الى سنان انطوان هذه المرة


من جانبه قال الروائي محمد مزيد: انا مسرور ان عراقي يحصل على هذه الجائزة، وارجو الا تكون اللجنة قد وجدت في الرواية التي لم نقرأها بعد، ما يجعل العراق اضحوكة، باقلام الكثير ممن اشترتهم البترودولارات العربية.. اتمنى ان تكون الرواية جديرة بالفوز لاسباب فنية ومضمونية واسلوبية. واضاف: جائزة البوكر ليست مؤشرا على الفصل بابداع العراقيين والعرب، ولكنها كجائزة، اخذت صداها العربي، وبدأنا نتابعها. فيما قال الدكتور اثير محمد شهاب، الناقد والاكاديمي: رواية يا مريم للشاعر والروائي سنان انطوان، عمل متميز يقوم على استيعاب فكرة الاقليات في العراق وتعيد هذه الرواية صياغة الكثير من الاسئلة التي تتحرك باطار سردي مختلف، ولعل شخصية يوسف هي المحور الاساس الذي انتهت عنده الرواية حينما راح الراوي يسرد نهايات الحدث في كنيسة النجاة وما تعرض له شخصية يوسف. واضاف: رواية مختلفة،تستعين بطاقة اللهجة الموصلية على التعبير عن احساس الاقليات بعد التغير الذي تعرض له العراق بعد 9/ 4، لذلك لعبت اللهجة الموصلية دورا كبيرا في التعبير عن هواجس الشخصيات،واعتقد ان دخول الرواية العراقية في اصطياد متغيرات الواقع العراقي محاولة مثيرة للاهتمام وتستحق الاشادة.


يذكر ان فوز رواية (يا مريم) للروائي العراقي سنان انطوان، بالقائمة القصيرة لجائزة (البوكر) العربية كان الى جانب خمس روايات عربية اخرى، وقد تم الاعلان عن عناوين الروايات الست التي فازت بالقائمة القصيرة في مؤتمر صحافي عُقد في العاصمة التونسية، بحضور هيئة التحكيم التي ترأسها الكاتب والأكاديمي المصري جلال أمين، والتي بقيت عضويتها طيّ الكتمان حتى ذلك الوقت، وهي كل من رواية "يا مريم"، للعراقي سنان أنطوان، و"أنا وهي والأخريات" للبنانية جنى فواز الحسن، و"ساق البامبو" للكويتي سعود السنعوسى، و"القندس" للسعودي محمد حسن علوان، و"مولانا" للمصري الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، و"سعادته السيد الوزير" للتونسي حسين الواد.


يذكر أن الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر"، جائزة سنوية تختص بمجال النثر الروائي في اللغة العربية وتُدار بدعم من مؤسسة جائزة البوكر في لندن، وتتم رعايتها من قبل هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في دولة الإمارات العربية، ويحصل كل مؤلف بلغت روايته القائمة القصيرة على عشرة آلاف دولار، أما الرواية الفائزة فيحصل كاتبها على 50 ألف دولار أخرى، إضافة إلى ترجمة الرواية إلى الإنجليزية.


سنان أنطون عراقي، من مواليد بغداد عام 1967، وهو روائي وشاعر ومخرج أفلام تسجيلية، ويشغل في الوقت ذاته وظيفة أستاذ مساعد الأدب العربي في جامعة نيويورك، أكمل البكالوريوس في جامعة بغداد، قسم اللغة الإنكليزية عام 1990،هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1991، حصل على شهادة الماجستير في الدراسات العربية من جامعة جورجتاون عام 1995، ينتمي للجيل الروائي العراقي الذي برز في المنفى، صدر له: ديوان شعر بعنوان Baghdad Blues، عام 2007، وآخر بعنوان (موشور مبلل بالحروب) عام 2004، وثالث بعنوان (ليل واحد في كل المدن) عام 2010، قام بإخراج فيليمين تسجيليين؛ الأول عن بغداد بعنوان (حول العراق)، والثاني بعنوان (أصوات في زمن الحرب).


فيما روايته (يا مريم) هي الرواية الثالثة له، بعد روايتيه (إعجام) عام 2003، الصادرة عن (دار الآداب بيروت)، وترجمت إلى الألمانية، النرويجية، البرتغالية، والإيطالية، و (وحدها شجرة الرمان) عام 2010، الصادرة عن (المؤسسة العربية للدراسات والنشر)، ورواية (يا مريم) صدرت طبعتها الثالثة خلال الأسابيع القليلة الماضية، عن (منشورات الجمل)، وهي تعري المجتمع العراقي ما بعد الحرب وسقوط نظام صدام حسين، والانقسامات التي أفرزتها، والتطرف والإرهاب الذي أودى بكل شيء جميل، وقضى على وجه العراق الحضاري وامتداداته الموغلة في عمق التاريخ.



Related Articles مواضيع ذات صلة


 
 
 
 
مقالات و أَخبار أُخرى