عاد ملف سوء أوضاع العمال المهاجرين في دولة قطر إلى الأضواء مجددًا، رغم محاولات الدولة الخليجية الدفاع عن نفسها وتحسين صورتها أمام العالم في ضوء استعداداتها لتنظيم كأس العالم عام 2022.
نصر المجالي: بعد تقارير صحافية وحقوقية ونقابية نشرت سابقًا، استدعت ردود فعل عالمية مدوية، قالت تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية (أمنستي) إن الانتهاكات متفشية في قطاع البناء في قطر، حيث يتعرّض العمال المهاجرون لاستغلال بشع، ويعاملون "مثل الماشية"، ويعيشون في مساكن سيئة، فضلًا عن انتهاك حقوقهم إلى حد العمل والإقامة في ظروف غير آدمية، وبالسخرة في بعض الأحيان.
وتستضيف قطر نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022، وطلبت منظمة العفو الدولية من الاتحاد الدولي لكرة القدم التعاون مع السلطات القطرية للقضاء على الانتهاكات بحق العمال، وغالبيتهم من جنوب آسيا.
ورصدت دولة قطر لاستضافة النهائيات حوالى 100 مليار دولار أميركي، بما في ذلك تطوير شبكة قطارات وقطارات إنفاق بكلفة 25 مليار دولار، وبرنامج لتحسين الطرق بكلفة 20 مليار دولار، إضافة إلى مشروع الجسر، الذي يربط قطر بالبحرين بتكلفة 4 مليارات دولار، وإضافة إلى ذلك تخطط قطر ببناء 12 إستادًا رياضيًا، تضم ملاعب جديدة لكرة القدم، وتشييد أكثر من 80 ألف غرفة فندقية إضافية.
ومضى يقول "من غير المقبول بتاتًا في بلد من أغنى بلدان العالم أن يتعرّض هذا العدد الكبير من العمال الأجانب لاستغلال وحشي، وأن يحرموا من تقاضي أجورهم، وأن يتركوا ليعانوا أشد المعاناة في تدبير أمور معيشتهم".
وأضاف "العمال الأجانب يلاقون الخذلان من شركات الإنشاءات ومن السلطات القطرية على حد سواء. وقد أبدى أصحاب الأعمال في قطر استخفافًا مروّعًا بالحقوق الإنسانية الأساسية للعمال الأجانب".
ومنظمة العفو هي أحدث من يسلط الضوء على معاملة العمال المهاجرين في قطر بعد تقارير مشابهة نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية والاتحاد الدولي للنقابات.
شهادات عمالية
وقال التقرير إن الانتهاكات تشمل "عدم دفع الأجور وظروف العمل القاسية والخطيرة والمستوى الفظيع للسكن". وفي وقت سابق من الشهر الحالي، دعا مسؤول في الأمم المتحدة قطر إلى إلغاء نظام الكفيل، الذي يمنع الموظفين من الانتقال من وظيفة إلى أخرى أو مغادرة البلاد من دون إذن الكفيل. ويحتفظ الكفيل بجواز سفر الموظف المغترب خلال فترة تعاقده.
وقال شيتي "اجتمعنا مع رئيس الوزراء ووزير العمل ومسؤولين آخرين، ولم ينفوا جميعًا أن هناك مشكلة، لكنهم لم يقدموا أي التزام، وهذا هو ما نحتاجه".
ولم يتسن الاتصال بمسؤولين من وزارة العمل القطرية للتعليق. لكن شيتي قال إن الوزارة اتخذت في الأسبوع الماضي خطوة إيجابية، هي الاستعانة بمزيد من مفتشي العمال. وقالت المنظمة إن باحثيها التقوا مع عشرات من عمال البناء، الذين منعهم مستخدموهم من مغادرة البلاد لأشهر عدة.
يعاملون كالماشية
وقال جيمس لينش الباحث في (أمنيستس)، وهو متخصص في حقوق المهاجرين في الخليج، للصحافيين، خلال مؤتمر صحافي في الدوحة، إن العامل يضطر لدفع 600 ريال (165 دولارًا) ليقدم شكوى للمحاكم المحلية، وهو مبلغ لا يستطيع كثيرون دفعه.
ووجد باحثون أن العمال المهاجرين يعيشون في مساكن بائسة ومكتظة من دون مكيفات للهواء، ويتعرّضون لطفح مياه الصرف وخزانات الصرف الصحي المكشوفة. وقالت المنظمة "شهد الباحثون توقيع 11 رجلًا أوراقًا أمام مسؤولين حكوميين، يؤكدون فيها كذبًا أنهم حصلوا على أجورهم" ليستردوا جوازات سفرهم ويغادروا قطر.
اتحاد فيفا
وفي الختام، قال تقرير لصحيفة (الغارديان)، التي كانت فجّرت قبل قضية سوء معاملة العمال في منشآت كأس العالم، إن إلقاء اللوم على الفيفا، التي وقع اختيارها على قطر لتنظيم كأس العالم عام 2022، يغفل الكثير من العوامل التي تجعل كثيرًا من الدول المتشدقة بحقوق الإنسان تتغاضى عن أي انتهاكات في سبيل إبرام صفقة أو تحقيق منفعة أو مكاسب مادية.
نصر المجالي - إيلاف